الله حليم كن أنت حليم
(((بسم الله الرحمن الرحيم )))
و الصلاة و السلام على اشرف الانبياء و المرسلين اما بعد ...
عندما نتحدث عن المشاكل التي تدور بين الناس نجد أن سببها يكمن في عدم مقدرة الأشخاص على كبت غيضهم
لأنهم لم يتحلوا بخلق الحلم و التأني بل تحلوا بالعجلة و الطيش و اتخاذ القرارات السريعة التي تصاحب الغضب و من
ثم تجد صاحب هذا القرار يندم على قراره الخاطئ فيما بعد
قال الله تعالى(لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم )
(قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم)
(ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم)
( و ما كان استغفار ابراهيم لأبيه الا عن موعدة وعدها اياه فلما تبين له انه عدو لله تبرأ منه ان ابراهيم لأواه حليم )
هذا الحلم الذي ذكره الله سبحانه و تعالى في آياته الكريمة و أمرنا به لا بد أن ندرب انفسنا عليه
و لو قال احدهم أني أريد أن أكون حليما لكن المجتمع الذي اعيش فيه مجتمع غضوب كيف أكون حليما من بينهم ؟
نقول أن الرسول صلى الله عليه و سلم أجابك على هذا السؤال حيث قال (إنما الحلم بالتحلم )
يقولون انهم سألوا حاتم الطائي و سألوا غيره ممن كان عندهم الشيء الكثير من الحلم و ضبط النفس قالوا كيف
يستطيع أحدكم أن يكون حليما إلى هذه الدرجة ؟
فقال و الله أني لأجد ما في نفسي من الغيظ مثل ما تجدونه في أنفسكم غير أني أتصبر أتصبر حتى يذهب عني
و قال :
و لربما صبر الحليم على الأذى ** و فؤاده من حره يتأوه
و قال الرسول صلى الله عليه ( طوبى لمن ملك لسانه، و وسعه بيته ، وبكى على خطيئة)
و أنت لو لاحظت أكثر الناس الذين يقعون بالمشاكل تجد أنهم ليسوا بحلماء لا يستطيعون إمساك لسانهم فيسبب
لهم المشاكل
و في حديث أبو هريرة رضي الله عنه قال :ان رجلاً اتى الى الرسول صلى الله عليه و سلم يتقاضاه هذا الرجل كان
النبي صلى الله عليه و سلم قد اخذ منه بعيراً صغيراً احتاجوه في غزوة من الغزوات ثم رجعوا من الغزوة و اقبل
الرجل يرد البعير او يريد بدلًا للبعير
فأقبل و قال اعطني اعطني ما رأيت مثلكم يا ابن عبدالمطلب وبدأ يتلفظ هذا الرجل الاعرابي على الرسول و من معه
فهم به بعض الصحابه ( يريد ان يضربه لكي يتأدب مع الرسول ) فقال الرسول صلى الله عليه و سلم و هو الحليم
( اتركوه يخرج ما في نفسه ان لصاحب الحق مقالا ) ثم قال ( اعطوه سنناً مثل سنه )
فنظروا الى الابل الموجوده و قالوا يا رسول الله ما وجدنا الا بعيرًا خيرًا من بعيره , فقال الرسول اعطوه فأن خيركم
احسنكم قضائًا
و حديث عائشة رضي الله عنها تقول ( قلت للرسول صلى الله عليه و سلم هل اتى عليك يوم اشد عليك من يوم احد
فقال يا عائشه لقد لقيت من قومك ما لقيت و كان اشد ما لقيت منهم يوم العقبه لما ذهب الرسول صلى الله عليه
وسلم من مكة الى الطائف ليعرض عليهم الدين لعلهم ان يسلموا حتى يستقر بالطائف و من ثم تبدأ الدعوة من
الطائف فلما وصل وقف عند رؤساء الطائف و كان عددهم ثلاثة فقال انا ادعوكم الى الله و هذا الدين صحيح فردوه رداً
سيئاً و اخرجوه من الطائف فخرج من الطائف و تبعه بعض سفهاء الطائف يضحكون عليه و يرمون عليه الحجاره فمضى
بطريقه و هو متحير أأذهب الى مكه و أهلها قد تجهزوا لي بما تجهزوا او ارجع الى الطائف و هم رموني بالحجاره فأقبل
الرسول صلى الله عليه و سلم ثم جلس في مكان و بينما هو جالس فأذا بالسماء تتشقق و اذا بجبريل ينزل قال
يا محمد ان الله سمع قول قومك لك وما ردوا عليك أي ان الله سمع قول اهل مكه سمعهم و هوم يقولون يا كاهن
يا ساحر يا كذاب و سمع كلام اهل الطائف و قد بعث الله لك ملك الجبال لتأمره بما تشاء فتحدث ملك الجبال قائلا
السلام عليكم يا رسول الله مرني بما شئت ثم بدأ ملك الجبال يقترح عليه انواع من التعذيب قال ان شئت اطبق
عليهم الاخشبين ( هما جبلان يحيطان بمكه ) فقال الرسول صلى الله عليه و سلم لا اني استأني بهم لعل الله ان
يخرج من اصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئًا)
و فعلا خرج من ابي جهل عكرمة بن جهل ،
و خرج من امية بن خلف صفوان بن امية بن خلف ، فعلا خرج من اصلابهم قوم صالحون.